بسم الله الرحمن الرحيم
( فضائل الفاتحة وأسماؤها )
الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد فقال : { الحمدلله رب العالمين }
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد المنزل عليه القرءان العظيم
القائل : ( والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولافي الإنجيل
مثل أم القرءان }
وقال صلى الله عليه وسلم : { الحمد لله رب العالمين هي السبع
المثاني والقرءان العظيم الذي أوتيته }
فضل الله تعالى بمنه وكرمه أمة الإسلام على غيرها من الأمم
فخصها بالثواب الكبير على قراءة كلامه أكثر مما أعطى لغيرها
وللفاتحة من الصفات ما ليس لغيرها حتى قيل : إن جميع القرءان
فيها لما تضمنته من التوحيد والعبادة والوعظ والتذكير
ففي البخاري من حديث ابن المعلى قال : " كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه حتى صليت , قال فأتيته فقال :
( ما منعك أن تأتيني ؟ ) قال : قلت يا رسول الله إني كنت أصلي , قال :
( ألم يقل الله تعالى : { ياأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا
دعاكم لما يحييكم } ثم قال : ( لأعلمنك أعظم سورة في القرءان قبل
أن تخرج من المسجد ) قال : فأخذ بيدي فلما أراد أن يخرج من المسجد
قلت يا رسول الله إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرءان , قال :
{ نعم { الحمد لله رب العالمين } هي السبع المثاني والقرءان العظيم
الذي أوتيته )
ذكر القرطبي للفاتحة إثنى عشر اسما :
1 - ( الصلاة )
للحديث القدسي فيما يروي النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه ,
قال تعالى : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل
فإذا قال العبد :{ الحمد لله رب العالمين } قال الله :حمدني عبدي ,
وإذا قال: { الرحمن الرحيم } قال: أثنى علي عبدي , فإذا قال :
{ ملك يوم الدين } قال الله : مجدني عبدي , وقال مرة : فوض إلي عبدي , فإذا قال : { إياك نعبد وإياك نستعين } قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل , فإذا قال : { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) .
فلفظ الصلاة في الحديث المراد به القراءة , كقوله تعالى : { ولا تجهر
بصلاتك ولاتخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا } أي بقراءتك
ونجد في هذه القسمة في قراءة الفاتحة دليلا على عظمة القراءة في
الصلاة وأنها أكبر أركانها , فسميت الفاتحة صلاة لأنها شرط فيها .
2 - ( سورة الحمد )
لأن فيها ذكر الحمد , والحمد ثناء على الممدوح بصفاته, وهو الشكر لله
تعالى دون كل ما برأ , بما أنعم على عباده من النعم التي لاتحصى
من غير استحقاق منهم ذالك عليه سبحانه .
فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا .
3 - ( فاتحة الكتاب )
وسميت بذلك لأنه تفتتح الكتابة بها في المصحف خطا, وتفتتح بها القراءة في القرءان لفظا , وتفتتح بها الصلوات , ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لاصلاة لمن لم يقرأ قيها بفاتحة الكتاب ) رواه مسلم .
4 - ( أم الكتاب )
وفي هذا الاسم خلاف , فجوزه الجمهور , وقال أنس والحسن وابن
سيرين : أم الكتاب هو اللوح المحفوظ , وقالوا : هو الحلال والحرام , وأجازه الجمهور لقوله تعالى : { آيات محكمات هن أم الكتاب } .
5 - ( أم القرءان )
وسميت كذلك لأنها أوله ومتضمنة لجميع علومه , ولقوله صلى الله عليه
وسلم : ( الحمد لله أم القرءان وأم الكتاب والسبع المثاني ) الترمذي
وسميت مكة أم القرى لأنها أول الأرض ومنها دحيت , ويقال لراية الحرب
" أم " لتقدمها واتباع الجيش لها.
6 - ( المثاني )
سميت بذلك لأنها تثنى في كل ركعة , ولقوله صلى الله عليه وسلم :
( هي السبع المثاني )
وقيل سميت بذلك لأنها استثنيت لهذه الأمة فلم تنزل على أحد قبلها ذخرا لها .
7 - ( القرءان العظيم )
لأنها تشتمل على الثناء على الله عز وجل بأوصاف كماله وجلاله , وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص فيها والاعتراف بالعجز عن القيام بشيء منها إلا
بإعانته تعالى , وعلى الإبتهال إليه في الهداية إلى الطريق المستقيم , وكفاية أحوال الناكثين , وعلى بيان عاقبة الجاحدين .
8 - ( الشفاء )
للحديث الذي رواه البخاري , قال أبو سعيد الخدري : " كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت : إن سيد الحي سليم وإن نفرنا غيب فهل منكم راق ؟ فقام معها رجل ما كنا نأتيه برقية فرقاه فبرئ , فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا , فلما رجع قلنا له أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي ؟ قال : لا ما رقيته إلا بأم الكتاب, قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي
ونسأل رسول الله , فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( وما كان يدريه أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم )
9 - ( الرقية )
لما ثبت من حديث أبي سعيد السابق .
10 - ( الأساس )
لقول ابن عباس رضي الله عنهما : " لكل شيء أساس وأساس الدنيا
مكة لأنها منها دحيت , وأساس الكتب القرءان وأساس القرءان الفاتحة وأساس الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم "
11 - ( الوافية )
لأنها لاتنتصف ولا تحتمل الاختزال , فلو قرئ من سائر السور نصفها في ركعة والنصف الآخر في ركعة لأجزأ , ولو نصّفت الفاتحة في ركعتين لم تجزئ .
12 - ( الكافية )
لأنها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها , لقوله صلى الله عليه
وسلم : ( كل صلاة لايقرأ فيها بأم القرءان فهي خداج ) .
وروي في فضل الفاتحة عن ابن عباس قال : " بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال:
هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم , فنزل منه ملك
فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم , فسلم وقال :
" أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك , فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة , لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته " .